كتبت ساميه صادق
عرفت الصديقة العزيزة نهى حسن في بداية حياتي الصحفية.. إلتقيت بها للمرة الأولي بنقابة الصحفيين.. فتاة جميلة مرحة منطلقة
محبة للحياة تعمل بإحدى الصحف الخاصة.. تلفت إنتباهي منذ الوهلة الأولي بأناقتها وألوانها الصريحة المبهجة
.. ومكياجها المميز .. كانت دائما بشوشة ودودة .. تتحدث بحماس و تلقائية.. لا تكف عن الكلام والضحك.. ولا تبخل بكلمات
الثناء والمجاملة على أصدقائها ولا بالإعتراف لهم بحبها وبمشاعرها الطيبة تجاههم.. فآراها شديدة الطيبة والنقاء.. وظللت أحمل لها معزة خاصة..
بالرغم من أن لقاءاتي بها تعتمد دائما على المصادفة.. فكلما لمحتها أو لمحتني بنقابة الصحفيين لابد أن نجلس معا نتبادل الأحاديث والضحكات والآراء ..
وكانت نهى مخطوبة في ذلك الوقت بطريقة تقليدية.. ودعتني على عقد قرانها.. أعتقد أنه كان بمسجد النور بالعباسية
.. ورأيتها وهي ترتدي فستان الزفاف الأبيض فزادها جمالا وجاذبية.. وكانت ترمينا نحن أصدقاؤها وضيوفها بقبلاتها وإبتساماتها من علي بعد
.. كما تفعلن نجمات السينما.. حيث كانت تجلس على المنصة بجوار المأذون
.. مرحة منطلقة كعادتها .. بينما عريسها يجلس بجوارها هادئا صامتا.. يرتدي نظارة طبية كبيرة تخفي معظم ملامحه.!!
وتمضي الأيام.. وتلهينا الحياة وتنقطع أخبارها عني.. إلى أن تجمعنا المصادفة أيضا علي الفيس بوك..
ويلفت إنتباهي الصورة التي تجمعها بالرئيس السيسي والتي تضعها كبروفايل لصفحتها .. وحين أتتبع الصورة أجدها أثناء زيارة الرئيس
لإحدى مؤسسات الرعاية لذوي الإحتياجات الخاصة.. وظننت أنها تعمل بهذه المؤسسة..وأرسل لها على الفور طلب صداقة
.. فتبدي صديقتي فرحتها وسعادتها بلقائنا بعد سنوات طويلة .. وتتحدث معي في موضوعات كثيرة.. وأعرف أنها إنفصلت عن زوجها بعد أن أنجبت منه ..
وتركها ترعى أبناءها بمفردها .. وأتابع صفحتها.. وأجدها في الصور دائما بصحبة صبي صغير جميل ذو شعر كستنائي طويل وإبتسامة حنون.
. يبدو من ملامحه أنه مصاب ب (متلازمة داون) .. وأعرف أنه إبنها .. إسمه محمد وعمره 14 عاما .. أكبر أبنائها وأول فرحتها.
.وبالرغم من إنجابها لأبناء آخرين أصحاء..إلا أنها تعطي كل وقتها وإهتمامها لمحمد.. لأنها تدرك بأنه الأكثر إحتياجا لها
.. وتعتبره ملاك أرسله لها الله ليخفف عنها تقلبات دنياها وقسوة حياتها.. ودائما ما تتباهى به أمام المجتمع.
. وتسانده بكل جهدها طاقتها وتعمل على تنمية قدراته بإستمرار.. وترافقه في كل مكان يذهب إليه.. وتتطوع بالعمل في الجمعيات والمؤسسات الخاصة
ب(متلازمةداون) من أجله.. وتصر الأم العنيدة المؤمنة بإبنها أن تجعل العالم كله يتحدث عنه وعن بطولاته.. فتعمل على تحقيق حلمه في الصعود لقمة جبل موسى..
ويشجعها على ذلك مدرب شاب يتحمس لمحمد ويقتنع به.. ويعدها أن إبنها سيصعد إلى قمة الجبل بعون الله.. وتتواجد نهى
طوال الوقت مع مع محمد و مدربه الخاص… وتسافر معه إلى جنوب سيناء وتحضر معه كل التدريبات.. وتقرر أن تشجعه
وتصعد معه جبل موسى.. فبالتأكيد وجودها بجواره سيطمئنه ويساعده على الوصول لهدفه…
ويأتي اليوم المرتقب لصعود الجبل.. وقلب الأم يخفق
خوفا وأملا.. وتملأ صفحات اَلتواصل الإجتماعي بصور محمد اثناء التدريبات وتطلب من أصدقائها الدعاء لإبنها من أجل أن
يحقق حلمه ويصعد بسلام إلى قمة الجبل ويحقق نصر تمناه طويلا..
ويفوز محمد أحمد الملقب ( بالنمر الابيض ) و يرفع علم مصر على ثانى أعلى قمة جبلية بجمهورية مصر العربية ( جبل موسى ) والذي يبلغ ارتفاعه 2285 مترا فوق سطح البحر )
كما نجحت نهى في مرافقته في صعود الجبل ومعها فريق زهرة المخيمات و ١٠٠ شاب وفتاه ضمن برنامج معسكرات المغامر الذى تقيمه وزارة الشباب والرياضة..
ويحقق بذلك إنجازا عظيما ويثبت للعالم أنه يستطيع أن يفعل ما يفعله الإنسان العادي بل أكثر.. ليكرمه اللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء بدرع المحافظة وشهادة تقدير وساعة يد قيمة..
وكذلك يمنح أمه المرحة الجميلة نهى حسن جائزة الأم مثالية..
ألف مبروك صديقتي الحبيبة فوز النمر الابيض إبنك
الغالي محمد وصعوده إلى قمة جبل موسى.. فأنت فعلا أم مثالية.. وإنسانة مثالية أيضا.