فارس أكتوبر
بقلم : محمد عتابي
يبقى إنجاز نصر أكتوبر المجيد، بجميع تفاصيله، حاضرًا فى أذهان العرب جميعًا، وليس المصريين فقط
، ولكن الخطوة الأهم فى هذا النصر هى عبور خط بارليف المنيع.
فكرة بناء خط بارليف استمدت من خط ماجينو، الذى بنته فرنسا عقب الحرب العالمية الأولى بطول الحدود
مع ألمانيا وإيطاليا، باعتباره نموذجًا للتحصينات الدفاعية الثابتة.
تغنت إسرائيل كثيرا بخط بارليف حتى جاء المقدم
مهندس باقى زكى يوسف، آنذاك، وقدم اقتراحًا للقيادة السياسية لتدمير هذا السد المنيع،
وذلك من خلال الاعتماد على مضخات المياه القوية لتجريف خط بارليف، حتى تتمكن القوات من العبور.
ولد اللواء باقى عام 1931، وتخرج من كلية الهندسة جامعة عين شمس عام 1954،
لينضم بعد ذلك مباشرة للقوات المسلحة كضابط مهندس فى سلاح المركبات.
كما شارك أيضًا فى بناء السد العالى، الذى أنقذ مصر من خطر الفيضانات
والجفاف، إذ اُنتدب للمشاركة فى مشروع بناء السد العالى عام 1964، حتى عام
1967، حيث قررت القوات المسلحة، آنذاك، إنهاء عمل كل الضباط المُنتدبين فى الخارج فى جميع المؤسسات
الحكومية، بسبب الهزيمة أمام الجيش الإسرائيلى
كانت الفترة التى قضاها باقى، فى بناء السد العالى، هى التى ألهمته فكرة تدمير خط بارليف عن طريق مضخات المياه
، حيث كانت المياه المضغوطة تستخدم فى تجريف جبال الرمل،
وسحبها وشفطها فى أنابيب مخصوصة لاستغلال مخلوط المياه والرمل فى عمليات بناء جسم السد العالى.
وبعد عرض الفكرة على الرئيس الراحل جمال عبدالناصر،
أمر بتجربتها، مؤكدًا أنه فى حال نجاحها تنفذ فى الحال،
وأجريت تجربة عملية عليها فى جزيرة البلاح بمحافظة الإسماعيلية
على ساتر ترابى نتج عن أعمال التطهير فى مجرى قناة السويس الملاحى.
وعندما تم الاستعداد للعبور عام 1973، صمم باقى مدافع مائية فائقة
القوة لقذف المياه، فى إمكانها تحطيم وإزالة أى عائق أمامها، أو أى ساتر رملي أو ترابى
فى زمن قياسى قصير، وبأقل تكلفة ممكنة، مع ندرة الخسائر البشرية،
وصنعت هذه المدافع لمصر شركة ألمانية بعد إقناعها بأن هذه المنتجات سوف تستخدم فى مجال إطفاء الحرائق.
وأجرت إدارة المهندسين بالجيش نحو 300 تجربة، بدءًا من سبتمبر عام 1969 حتى عام 1972، بجزيرة البلاح
فى الإسماعيلية، وتم فتح ثغرة فى ساتر ترابى أُقيم ليماثل الموجود على الضفة الشرقية للقناة.
وترأس باقى، رئاسة أحد التشكيلات بالجيش الثالث الميدانى، ورئاسة فرع
مركبات الجيش الثالث فى حرب أكتوبر عام 1973، وخرج من الجيش برتبة لواء عام 1984.
وكعادتها حرصت الدولة على تكريم أبطالها، ممن ساهموا فى سمو ورفعة شأن الوطن، إذ حصل اللواء باقى زكى،
على نوط الجمهورية العسكرى من الطبقة الأولى سنه 1973، ووسام الجمهورية من الطبقة الثانية سنه 1984.