أصدقاء المصلحة
بقلم: محمد عتابي
هل تستطيع أن تعيش بدون اصدقاء ؟
لماذا نحتاج جميعا الي الاصدقاء؟
هل فكرت يوما في معني ” الصداقة ” ؟
ما هي الصداقة؟
المحبة إما أن تكون للمنفعة، وإما أن تكون للذة، وإما أن تكون للفضيلة،
وقد يطلق على كل واحد من هذه الأقسام الثلاثة اسم الصداقة.
صداقة المنفعة: هي أن يحب الإنسان شخصا لما يناله منه من منافع،
وشأن هذه الصداقة أن تبقى معقودة بين الشخصين مادامت المنافع جارية.
صداقة اللذة: هي المحبة التي تثيرها الشهوة، وقد تشتد فتسمى عشقا،
وشأن هذه الصداقة -أيضا- أن تنقطع عندما تنصرف النفس عن اللذة التي بعثتها.
صداقة الفضيلة: هي المحبة التي يكون باعثها اعتقاد كل من الشخصين أن صاحبه على جانب من كمال النفس،
الصداقة المتينة لا تحل في نفس إلا هذبت أخلاقها الذميمة؛ فالمتكبر تنزل به الصداقة إلى أن يتواضع لأصدقائه،
وسريع الغضب تضع الصداقة في نفسه شيئا من كظم الغيظ، ويجلس لأصدقائه في حلم وأناة،
وربما اعتاد التواضع والحلم، فيصير بعد متواضعا حليما.
الداعي إلى اتخاذ الأصدقاء
في اتخاذ صديق حميم لذة روحية يدركها من يسر الله له أن انعقدت بينه وبين رجل من ذوي الأخلاق النبيلة، والآداب العالية مودة،
ولا منشأ لهذه اللذة الروحية إلا الشعور بما بينه وبين ذلك الرجل النبيل المهذب من صداقة.
وصديق الفضيلة هو الذي يجد في لقاء صديقه ارتياحا وابتهاجا،
ثم إن الصداقة تستدعي بطبيعتها جلب المنفعة أو دفع الضرر؛ فإنها تبعث الصديق على أن يدفع عن صديقه الأذى بما عنده من قوة،
الاحتراس من الصديق
قد يوصي بعض الأدباء بالاحتراس من الصديق، كما قال أحدهم:
أما العداة فقد أروك ظنونهم *** واقصد بسوء ظنونك الإخوانا
وأتى على هذا المعنى آخر، وأبدى له وجها، هو الخوف من أن ينقلب الصديق إلى عدو، فيكون أدرى بوجه الضرر.
والقول الفصل في هذا: أن صديق المنفعة متى عرف الإنسان وجه صداقته كان له أن يحترس منه، ويكون هذا موضع الأشعار التي تنصح بالاحتراس مع الأصدقاء.
أما من انعقدت بينك وبينه صداقة الفضيلة، وكنت على يقين من أن هذا وجه صداقتكما – فلا موضع للاحتراس منه.
فإن ما وقع إنما هو أمر نادر، والأمور النادرة لا تتخذ مقياسا في معاملة الأصدقاء، ولا تستدعي أكثر من أن تستعيذ بالله من شرها،
ثم تمضي مع أصدقائك الفضلاء في وداعة خلق، وسماحة نفس.
هل الصداقة اختيارية؟
الواقع أن الاختيار يرجع إلى فتح الصدر لها، وربط القلب عليها، والسير في الأقوال والأفعال على مقتضى عاطفتها؛
فإذا حمدت الرجل على صداقته فإنما تحمده على أن أقرها في صدره مغتبطا بها، ثم جرى على ما تستدعيه من نحو المواصلة والمؤانسة.
ويزعم بعض الأدباء أن الصداقة الخالصة من كل شائبة مفقودة، ومن هؤلاء من ينفيها من الدنيا بإطلاق،
ومنهم من يشكو أهل زمانه، ويخبر بأنه لم يجد من بينهم من يصطفيه للصداقة.
الصديق المخلص عزيز
إن كان أصدقاء المنفعة كثيرا فإن الذي يحبك لفضلك، وتحبه لفضله حبا يبقى ما – بقيت الفضيلة – عزيز المنال.
وهذا الصديق هو الذي حثك الشاعر على التمسك به فقال:
وإذا صفا لك من زمانك واحد *** فاشدد عليه وعش بذاك الواحد
وكلما قضى الإنسان مرحلة من عمره في الاعتبار والتجارب ازداد علما بأن أصدقاء الفضيلة لا تسمح بهم الأيام إلا قليلا.
وإذا بدا لك أن أصدقاءك في وقت الشباب أكثر من أصدقائك وأنت شيخ؛ فإن الشاب مقبل على الحياة في شيء كبير من النشاط والارتياح؛
كلمة أخيرة…
عندما تنقضي المصلحة المشتركة .. ستنتهي صداقة المصلحة… وسيترونك وحدك .. ويبحثون عن صاحب المصلحة الجديد .