كلام في الصميم ..
الحالة والضجيج ..
نعيش وسط ضجيج خارجي لا يهدأ، وصخب داخلي يهدأ تارة ويضطرب تارة اخرى ، نبحث عن كلمات لتعبّر عمّا يجول
بداخلنا، عن لحظة سعادة … قطرات فرح .. عن خيبة أمل ، أو وجع مزمن، أو حزن دفين يرسو في الأعماق، نحاول
أن نرسل رسالة تكتب للجميع ليفهمها الشخص الذي قد نعجز أن نرسل له رسالة مباشرة سواء بالمواجهة او بسبب الظروف
، وهذا ما يُقال عنه ” الحالة _ في وسائل التواصل الاجتماعي .
هذه ” الحالة ” تطرح عدداً من الأسئلة، أهمهما على الإطلاق ” هل وصلت الرسالة ، وإذا كانت قد وصلت ، هل فُهمت،
وإذا ما فُهمت، هل أدت الغرض وتحقق الهدف….. نراقب وننتظر ونتأمل …
الحالة تعبر عن اضطراب داخلي ، في وقت او موقف قد يكون فيه الصمت والاستماع إلى الصوت الداخلي هو الأفضل،
لأنه حينما تسمع صوتك تنتابك مشاعر ايجابية مهما كانت ” الحالة ” ، بينما حينما تحاول أن تُسمع صوتك دون أن يسمعه
أحد هنا تكمن الخيبة الكبرى خصوصا لو كانت للأعزاء على قلوبنا …
كم نحن بحاجة إلى الصمت في زمن الضجيج …. أترون كم الضجيج الذي يعج حولنا ؟، …الضجيج هي الأصوات
الغير مرغوب فيها أو الصوت المرتفع أو التلوث الضوضائي … قد يكون التلوث والضجيج بصري من خلال الألوان
الغير متناسقة وكميتها …أو قد يكون تلوث وضجيج حركي من خلال صخب الناس وحركاتهم…. وقد يكون الضجيج
أو التلوث إلكتروني مثل كمية ما ينشر في الميديا من كلام غير مفيد أو بوستات مضيعة للوقت أو صور أو ثرثرة غير
جادة الهدف منها التواجد فقط … ولكن أصعب ضجيج وتلوث على الإطلاق هو السمعي…فكمية الأصوات العالية
وكثرة الكلام والطاقة المبذولة فيها تتعب الروح والنفس وتجعلها مشوشة وغير قادرة على التركيز والإنتاج .
..فماذا نحتاج إذن ؟…. نحتاج الى الصمت … من خلال الصمت يتسم العقل بالهدوء وتتوقف الذات عن التشتت
، وندرك حينها قيمة الحكمة ، تلك الحديقة الخفية الكامنة في ” الروح ” ، كل ما تحتاجه هذه الحديقة إلى الرعاية اليومية
، وهي تتغذى بالمحبة والعطاء والقراءة والتواصل ، لكي نكتشف من جديد الوجه الآخر للتغيير في حياتنا، وليس في ” الحالة “.
تلك الحديقة تعتبر بمثابة المرشد الداخلي الذي يساعدنا على اتخاذ القرارات ومواجهة التحديات مهما صَعُبَت.
ولكي تكتشف تلك الحديقة وتعتني بها ، ابحث عن مكان هادئ لتعيد اكتشاف نفسك من جديد.
” الصمت .. قيمة ايجابية في الحياة”.
ليس كل من نطق أو تكلم أفاد ، فأحيانا الصمت أوقع وأبلغ في ظروف معينة ومع أناس معينين حينما يكون الكلام مهدرة للجهد والوقت .
.. فإذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب …
لبنى زيدان ….