وكسة 25 يناير 2011 .. (4) نهاية الحلقة
تدخل مهدي عاكف بوصفه المرشد العام للتنظيم الدولى لاحتواء تلك الأزمة، وأصدر قرارا ملتويا يؤكد أن مشاركة
الإخوان في الحكومة الانتقالية يمثل شأنا داخليا للجماعة في العراق، الأمر الذي ترتب عليه استقالة عدد من إخوان
العراق المعارضين لتلك المشاركة وتشكيلهم جيش الخلاص الإسلامي، بينما قام بعضهم بتكوين جبهة علماء المسلمين
برئاسة حارث الضاري، الذي التقى عاكف مرتين بالقاهرة، وطالبه بضرورة التدخل لإنهاء علاقة الحزب الإسلامى
بحكومة بريمر، ولكن عاكف رفض للمرة الثانية، معتبرا أن ذلك الأمر شأن داخلى يخص العراقيين وحدهم.
واتساقا مع
موقف الجماعة في العراق، استمرت المخططات الإخوانية في مصر في فتح جسور الحوار مع الأمريكان
، وبدأ الإخوان في الاتصال بالدكتور سعد الدين إبراهيم، وقام وفد من الجماعة بزيارته في منزله بالمعادي عقب
خروجه من السجن، خاصة أن سعد الدين قد أقام علاقات جيدة ببعض قادة الإخوان الذين لازموه في السجن، وأقنعوه
بضرورة القيام بدور الوسيط لتقريب وجهات النظر بين الإخوان والأوروبيين، وهو ما حدث فعلا عقب خروجه من السجن،
حيث رتب للقاء بين دبلوماسيين أوروبيين من سفارات بريطانيا وسويسرا والسويد ووفد من الجماعة، ضم كلا من:
“محمد مرسي رئيس الهيئة البرلمانية للجماعة آنذاك، وعصام العريان عضو مجلس شورى الجماعة، والصحفى
محمد عبدالقدوس” بينما حضر من الجانب الآخر عدد من الدبلوماسيين الغربيين، ودار الحوار حول إمكانيات وصول الإخوان
إلى السلطة، والأجندة السياسية التي يحملونها حال وصولهم إلى الحكم، وموقفهم الحقيقى من الغرب، وقضايا الديمقراطية، وحرية الرأى والتعبير.
كان الإخوان يعتبرون تلك اللقاءات جزءًا من سيناريو عام وضعته الجماعة من أجل فتح قنوات اتصال مع الولايات المتحدة
والاتحاد الأوروبي، لإقناعهما بقبول أن يكون للتيارات الإسلامية دور محورى في المنطقة، على غرار التعاون الذي حدث
بين الأمريكان والأحزاب الإسلامية في تركيا وباكستان، إضافة إلى الهدف الأهم، المتمثل في الحصول
على وعد بدعم سياسي أمريكى في حال الوصول إلى الحكم، والضغط على النظام في مصر لتقبل الوجود الشرعى للإخوان.
وتكرر السيناريو نفسه مع د. سعيد النجار الذي زاره عدد من الإخوان للاستفادة من علاقاته الجيدة وتوجهاته
الليبرالية لعقد لقاءات مع مسئولين في الخارجية الأمريكية، لكنهم لسبب ما لم يفاتحوه في الموضوع صراحة بعد
انتقال الحوار إلى موضوعات خلافية كثيرة بعيدة عن أهداف اللقاء، وبقى في برنامج الإخوان لقاءات مع الكاتب مأمون فندى وتوماس فريدمان.
على الصعيد نفسه، برز داخل الجماعة تصور آخر للإسراع في إجراء تفاهمات مع الإدارة الأمريكية، عن طريق التنسيق
مع الإخوان في أمريكا، وخصوصا د. حسان حتحوت رئيس إحدى أكبر المنظمات الإسلامية في أمريكا، وهو أحد تلاميذ
حسن البنا المخلصين، بما له من علاقات جيدة بالمؤسسات الأمريكية، حيث كان أول من استقبل الرئيس
جورج بوش الابن في المركز الإسلامى التابع له بعد أحداث 11 سبتمبر مباشرة، كما أسلفنا، وبدأ الإخوان بالفعل
اتصالاتهم، وكان من المقرر أن يسافر أحد أعضاء مكتب الإرشاد إلى أمريكا للقاء بعض القيادات هناك، خصوصا
المسئولين عن ملفات الشرق الأوسط، ولكن حرب العراق أجلت هذه الترتيبات.
لم تشارك الجماعة في أي تصعيد لصد الاحتلال الأمريكى في العراق، بل أسهمت بتعليمات من مرشدها العام محمد مهدى
عاكف في تثبيت دعائمه، عن طريق دفع إخوان العراق للانضمام إلى حكومة بريمر.
تصريحات «رايس وهاس» وغيرهما فضحت أهداف واشنطن من حوارها مع التنظيم في الخمسينيات أوعزت الإدارة
الأمريكية لهم بتكوين جيش تمهيدا لإسقاط الحكم في مصر أمريكا وضعت شروطا وضوابط للحوار مع الإسلاميين
لكنها فشلت في تطبيقها بسبب أطماعها
الرسائل الأمريكية الأوربية كانت مزدوجة تلاعبت بالحكومات
والأنظمة وخاطبت التيارات الإسلامية في ذات الوقت.. و«البنتاجون» دربت جيش الإخوان منتصف الخمسينيات لإسقاط مصر عبد الناصر ولما مات اختفى