مقال رقم 4
بقلم/ د:عبدالله السعدني
“باحث بكلية الدراسات الشرقية -جامعة سانت بطرسبورج الحكومية – روسيا الاتحادية”
يقدم المؤلف دليلا جديدا على هذه النقطة.. لكن من سوريا هذه المرة..حيث يتحالف الأسد أيضا مع الخمينى.
. صحيح ان الأسد ينتمى الى طائفة العلويين، وهى طائفة شيعية.. لكن هذه الطائفة لا تشكل فى سوريا سوى
من ٧ الى ١١٪ من عدد السكان، ولهذا فهو تحالف موقوف ببقاء العلويين فى السلطة لان ٧٠٪ من سكان سوريا ينتمون الى السنة.
ويقول المؤلف، ان الخمينى الذى يقدم نفسه للعالم الاسلامى على انه انه المبشر بالإسلام وليس كزعيم شيعى فحسب،
اغمض عينيه، أمام مصلحته السياسية – عندما قام الرئيس السورى الأسد بمذبحة للمسلمين فى مدينة حماة السورية
فى فبراير ١٩٨٢ استمرت ٣ أسابيع، وراح ضحيتها ٣٠ الف شخص بينهم ٢٤ الف مدنى و ٦ آلاف عسكرى، واعتقل ١٠ آلاف، معظمهم لم يعودوا الى بيوتهم ابدا حتى الآن..
ويضيف المؤلف، ان المذبحة جاءت على أثر اكتشاف السلطات السورية لما أسمته بمحاولة انقلاب دبرها فرع الإخوان
المسلمين فى سوريا ضد نظام الرئيس الأسد.. وهذا الفرع تأسس ١٩٤٦ بزعامة مصطفى السباعى وهو اخوانى
سورى تخرج فى الأزهر بالقاهرة .. وخاض رجاله حرب فلسطين عام ١٩٤٨، وجمعوا التبرعات والمساعدات لاخوانهم
المصريين عندما اعتقلهم عبدالناصر عام ١٩٥٤ عقب حادث المنشية.
ويقول المؤلف، ان محاولة الانقلاب المذكورة، قيل انه تزعمها سيد حواوا الذى خلف مصطفى السباعى فى زعامة الإخوان
عقب وفاة الأخير عام ١٩٦٤، وهو واحد من ابرز المفكرين الإسلامين، وله كتاب بعنوان [خمسون عاما على الاخوان
] يؤكد فيه انه يخلط بين الإسلام كدين، وبين السياسة كواقع. وان مهمته ان يقدم للإخوان الأسس النظرية
للإسلام، تاركا لهم مسألة العمل السياسى، باعتبار السياسة هى فن التعامل مع الواقع.
وقد حصل حواوا ورفاقه فى زعامة الإخوان .. عدنان سعد الدين وعلى البيانونى على أسلحة تقلت لهم عبر العراق..
ومن الأردن لتنفيذ هذا الانقلاب، الذى اتخذه الأسد ذريعة لمذبحة حماة.
بورقيبة والإخوان.
يمضى المؤلف فى تقديم نماذج لزعامات عربية ترفع شعارات الإسلام بشكل او بآخر، بينما ممارساتها لا تشرف الإسلام او المسلمين.
انه يقدم الحبيب بورقيبة مثلا ليقول انه تعامل مع الإسلام براديكالية اكثر من اى زعيم عربى آخر، فأصدر قانونا
بمنع ارتداء الحجاب وقانونا بمنع تعدد الزوجات، وقانونا بإباحة الفطر فى رمضان، واعتبار الصوم مسألة خاصة
بكل فرد، وأصبح يحدد يوم العيد على هواه قبل أو بعد أى دولة إسلامية اخرى.. بل انه أجاز زواج المسلمة بغير المسلم
ليشجع السياحة الأوروبية فى تونس.. وهذا ما أثار عليه ثائرة الإخوان المسلمين فى تونس الذين يطلقون على أنفسهم
هناك اسم “الموحدين” واعتبره خارجا على الإسلام وأخلوا دمه.
ويقول المؤلف، ان الاخوان فى تونس تأثروا بكتابات زعماء الاخوان فى مصر، حسن البنا، سيد قطب كما تأثروا بكتابات
محمد إقبال فى باكستان .. وهذه الكتابات تطبع فى تونس بكميات هائلة كما تجد شرائط الكاسيت المسجل عليها خطب
ودروس الشيخ عبدالحميد كشك من القاهرة، والشيخ حسن قطبانى، تملأ المحلات التونسية.
ويتزعم التيار الاسلامى المعارض للرئيس بورقيبة فى تونس عبدالفتاح مورو وهو محام سابق على صلة وثيقة
بالسعودية والشيخ رشيد الجانوشى وهو من زعماء الاخوان ويرأس منظمة تسمى “الحركة الاسلامية” قام بورقيبة
بحلها فى يوليو ١٩٨١ واعتقل مورو، الجانوشى بتهمة تدبير انقلاب إسلامى وحكم بالسجن ١٠ سنوات على الجانوشى،
وحدد إقامة مورو فى منزله، وأعلن وزير الداخلية التونسى يومها ان المتهمين اعترفوا بانهم اسسوا منظمة سرية
عام ١٩٧٩ فور تولى الخمينى السلطة فى إيران، وان المنظمة لها اتصالات بجهات اجنبية وكانت توجه خططها لاغتيال بورقيبة وأعضاء الحكومة .
نميرى قبل السقوط
من “بورقيبة” فى تونس.. ينتقل المؤلف الى “نميرى” فى السودان .. فقد بدأ عام ١٩٦٩ تفى صادق المهدى زعيم
حرك الانصار المهدية، وهى حركة تضم عديدا من الاخوان المسلمين الذين تشكلوا فى السودان فو أعقاب اغتيال
الشيخ حسن البنا زعيم الاخوان فى مصر، وهروب عدد من قيادات الاخوان من مصر الى السودان..
وقد لجأ صادق المهدى الى مصر، فتجمع الاخوان تحت زعامة ابن عمه أمام المهدى، لمن نميرى ضربهم فاختفوا تحت الارض
، الى ان أتيح لألفين منهم عام ١٩٧٦ التجمع فى ليبيا ودخلوا السودان من الأراضى الليبية فى محاولة للاستيلاء على السلطة.
ويقول مؤلف الكتاب، ان نميرى احس فى مواجهة هذا الوضع انه يحارب وحده، فاطلق سراح حسن الترابط زعيم الاخوان
وهو قريب المهدى أيضا ويحمل الدكتوراه فى القانون من السوريون، وكان نميرى قد اعتقله فدعاه للاشتراك فى الحكومة
وعينه وزيرا للعدل، وعين إخوانيا آخر هو احمد عبدالرحمن محمد وزيرا للداخلية فى محاولة لتحييد المعارضة،
واستخدام الاخوان المسلمين اداة لضربها.
ويضيف المؤلف ان نميرى أعلن أيضا العفو عن “المهدى”
، فعاد الى السودان، وضمه نميرى الى عضوية المكتب السياسى للاتحاد الاشتراكي.. اكن هذه الخطوات أثارت
ثائرة الجنوبيين فى السودان .. بعد ان كان نميرى قد هدأ الوضع معهم باتفاقية الحكم الذاتي للجنوب. وفى نفس الوقت
فان هذه الإجراءات لم توفر للنميرى حماية نهائية من الاخوان، فقد احس عام ١٩٨٣ بانهم يخططون للانقلاب عليه
، فبادر الى المزايدة عليهم فى محاولة لسحب البساط من تحت اقدامهم.
. وظهر اسلاميا متشددا اكثر من اى زعيم اخوانى، وأصدر قوانينه المشهورة بتطبيق الشريعة الاسلامية.
ويقول المؤلف.. لقد التقيت مع صادق المهدى.. وسألته عن الاخوان فى السودان فقال لى انهم يختلفون عن زملائهم
فى الدول الأخرى.. فقد بدأوا فى السلطة ثم راحوا يشكلون قاعدتهم بينما فى الدول الأخرى بدأوا تحت الارض.
وأضاف المهدى، اننا أيضا نختلف فى اننا بلا شيخ او أمام او مرشد وكل ما لدينا هو هيئة استشارية بالانتخاب
.. وعندما سألته عن موقفهم من الخمينى والتيار الاسلامى فى إيران قال لى :[انهم فى إيران يدمرون أنفسهم،
فالطاقة الدينية الهائلة.. وإذا أطلقناها بدون برنامج بناء، فانها تصبح مدمرة.. ونصبح نحن أول ضحاياها .