عندما تفقد الأشياء قيمتها
كل دولة في هذا العالم لها رمز يمثل شخصيتها أو هويتها وغالباً ما يكون هذا الرمز بناء أو صرح تحتفظ به الدول
و تحافظ عليه فهناك الديموقراطية في بريطانيا و حرية الصحافة في ألمانيا والكونجرس في الولايات المتحدة الأمريكية
و مواقف البرلمان المصري قبل ١٩٥٢.
إذا فكل دولة لديها بناء مادي أو معنوي والفارق بيننا وبين تلك الدول
. أن حرف (أو) غائب في ثقافتهم و حاضر في ثقافتنا و بقوة وهذا من أسباب تأخرنا و تقدمهم في ذات الوقت.!
ولأن المادي و المعنوي لابد و أن يتلازما فالبناء المادي إكتسب قيمته من المعاني المرتبطة به و القيم المعنوية لابد و
أن تتجسد في حياتنا فنشعر بها دون أن نرددها فقط.. فدار العبادة هو بناء إكتسب
قيمته من الرسالة التي يؤديها وعندما تغيب تلك الرسالة يصبح بناءا كأي بناء!.
كل معاني الوطنية المرتبطة بعلم الدولة هي ما أكسبته قيمته و بدونها لا يتعدي قطعة من القماش.
المواطن
إذا تأكد بأنه مجرد رقم في دفاتر الدولة أصبح الوطن بالنسبة له قطعة أرض لا تختلف عن غيرها. و صناديق الاقتراع
هي التي من خلالها يتم توثيق العهد بين المرشح و الناخب فإذا ذهب الناخب
مجبرا أو تنصل المرشح من وعوده تبقي الصناديق لا قيمة لها.!
و البرلمان أيضا يكتسب قيمته من قدرته علي آداء دوره التشريعي و الرقابي وليس من فخامة و بهاء مبناه..
الدستور إذا لم يتجسد في قوانين ترسخ العدل و الحرية في المجتمع
وتفصل بين السلطات يصبح حبرا علي ورق ولا قيمة لوجوده.
الأمثلة كثيرة ولكن لا يجب أن نتوقف عند ظواهر الأمور دون البحث عن فلسفة وجودها. وهذا مدعاه لأهل الإختصاص
و ذوي السلطة و الحكم وكل ذي بصيرة و مهتم لأمر هذا الوطن بأن يتوقف و يفكر بعمق في تلك المفردات :الدستور.
. الإعلام الحر.. البرلمان.. الأجهزة التنفيذية.
فالهند كانت قبل بلوغ الألفية الثالثة وجها للفقر مثلها مثل مصر
ولكن الهند أحدثت الفارق بأحزاب حرة و إنتخابات نزيهة وكان لدينا هيئة التحرير و الإتحاد الإشتراكي و حكم الفرد.
التجربة المصرية تعثرت و ربما تعطلت لكنها إنطلقت في الهند لتحقق أعلي معدل تنمية ٧،٧% وهي في طريقها لتحتل
مركز خامس أكبر إقتصاد بالعالم.
إن صندوق الانتخاب الحر و النزيه له مفعول السحر لدي الشعوب
. فالأشياء عندما تفقد قيمتها يصبح وجودها كالعدم.