كتب /أيمن بحر
كانت «صفقة القرن» الموضوع المحورى لمؤتمر عقد مؤخرا فى نيويورك لرؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية
. وبناء على تسجيل صوتى خاص حصلت عليه صحيفة واشنطن بوست، قدمت الصحيفة بعض مادار خلف الأبواب المغلقة
بين وزيرالخارجية الأمريكى مايك بومبيو، وهذه النخبة من الشخصيات اليهودية المؤثرة ممن يعملون بدأب على طمأنة
مخاوف الجالية اليهودية وتحقيق مصالحها.
أبرزت الصحيفة أن بومبيو، الذى يدخل التاريخ كأول وزير خارجية
أمريكى ُيسحب منه ملف الصراع العربي- الإسرائيلي، أو ما أصبح معروفا بالصراع الفلسطينى الإسرائيلي، يعتقد أنه اطلع
على كل تفاصيل التسوية الأمريكية المقترحة، المعروفة بصفقة القرن لمهندسها جاريد كوشنر، المطور العقارى
وزوج ابنة الرئيس ترامب. وبحسب تعبير الصحيفة، فإن القاسم المشترك بين بومبيو وكوشنر أن كلا منهما يهودى أورثوذوكسى
تربطه بإسرائيل علاقات وثيقة، وأن كليهما وصل إلى موقعه الحالى بدون خبرة سياسية سابقة.
رغم أن بومبيو بدا مؤيدا للصفقة ومحبذا أن تدرسها الأطراف المعنية جيدا وألا تتسرع فى الرفض على زعم انحياز تلك
التسوية لإسرائيل، إلا أن اثنين ممن حضروا اللقاء أعربوا عن إحساسهم بأن
بومبيو نفسه غيرمتفائل بأن تلك الصفقة، التى طال الحديث عنها بطريقة درامية مشوقة، سوف ترى النور.
ولاتحظى الصفقة بإعجاب الكثير من الشخصيات العامة والأكاديمية فى واشنطن ممن يحيطون بتاريخ الصراع
وبالجهود الدبلوماسية عبر الإدارات الأمريكية المتتالية لتحقيق تسوية نهائية. وينطلق هؤلاء مما تم تداوله عن أول مرحلة من هذه الصفقة والتى تعرف باسم «السلام مقابل الرخاء
»، وتعتمد على توفير دول الخليج العربى 68 مليار دولار فى صورة استثمارات لتحسين الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين.
ترى تمارا كوفمان ويتس، الزميلة بمركز سياسة الشرق الأوسط بمعهد بروكينجز،أن شراء موافقة الفلسطينيين على الصفقة
بهذه الطريقة لن يسفر عن خلق ظروف مواتية لتحقيق تسوية نهائية، بل إن روبرت ساتلوف، المدير التنفيذى لمعهد سياسة
الشرق الأدني، يرى أن تحقيق تسوية نهائية للصراع يستدعى إجهاض صفقة كوشنر. ويلمح آخرون للنهج الذى اتبعته
واشنطن للتمهيد للصفقة والذى تمثل فى تصعيد الضغوط على الفلسطينيين إلى أقصى درجة ممكنة بما يجعلهم فى
وضع يقبلون فيه بتسوية مهينة. من ذلك نقل السفارة الأمريكية للقدس، والاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعان
الجولان، ووقف المساعدات الاقتصادية للسلطة الفلسطينية ولوكالة الأمم المتحدة للاجئين، وإجبار السلطة الفلسطينية
على إغلاق مكتبها فى واشنطن. وتعارض كورى شاك من المعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية الصفقة لأنها تضر السياسة
الخارجية الأمريكية التى تعتمد على تحقيق المصالح الأمريكية من خلال إحداث تغيير سياسى إيجابي، بل وتعتبرها خيانة
للقيم الأمريكية التى تقوم على احترام حقوق الإنسان وتطلعات الشعوب للكرامة الإنسانية والحرية. وتذكر شاكى هنا
على وجه التحديد العبارة المأثورة للمفكر الأمريكى بنجامين فرانكلين الذى قال، «إن الذين يضحون بحريتهم مقابل أمان مؤقت لايستحقون الحرية ولا الأمان».
تنتقد كورى أسلوب إبرام الصفقات التجارية فى تسوية المشكلات السياسية. وتدعو الأمريكيين وغير الأمريكيين
ألا يقبلوا إلا بالسياسات التى لا تتعارض مع التطلعات الإنسانية.