متابعة /أيمن بحر
جاء إعتراف ترامب بسيادة إسرائيل على الجولان بمثابة منحة من السماء لرئيس الوزراء الإسرائيلى قبل أسبوعين
من الإنتخابات، بيد أنه فى المقابل، بدد فى رأى الكثيرين، أى أمل فى التوصل لسلام بين العرب وإسرائيل عبر المفاوضات.
يمكن للحلفاء والأعداء الإتفاق على شئ واحد الا وهو أن قرار ترامب يعد نقطة تحول فى سياسة الولايات المتحدة بشأن الجولان،
التى إحتلتها إسرائيل من سوريا فى حرب عام 1967 وضمتها عام 1981، فى خطوة أعلن مجلس الأمن الدولى أنها غير قانونية.
ومن جانبه يسعى نتنياهو، الذي أعلن ترامب إعترافه بسيادة إسرائيل على الجولان بحضوره، لإستثمار القرار لرفع حظوظه فى
الفوز فى إنتخابات “الكنيست” المقبلة رغم أنه يواجه معركة حامية وإدانة محتملة فى ثلاث قضايا فساد.
لكن محللين فى
الشرق الأوسط يرون أن قرار ترامب، الذى جاء بعد إعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل 2017، قد يغرى قوى أخرى بضم
الأراضى ويقوض طرح خطة سلام أمريكية فى الشرق الأوسط (صفقة القرن) ويدفع إسرائيل مجدداً إلى الصراع مع جيرانها العرب.
ويقول فواز جرجس أستاذ العلاقات الدولية فى كلية لندن للإقتصاد والعلوم السياسية: “ما فعله ترامب دق مسماراً قاتلاً فى
نعش عملية السلام والمصالحة العربية الإسرائيلية، هذه نقطة تحول أساسية، لم يعد هناك أى شئ لمناقشته بعد الآن”.
ويقول خبراء كثيرون إن خطوة ترامب تهدف جزئياً الى تعزيز فرصه هو نفسه فى إعادة إنتخابه عام 2020، من خلال
إستهداف المجموع الواسعة من المسيحيين الإنجيليين الأمريكيين، وبالفعل
صوت كثيرون منهم لصالحه فى عام 2016 ويدعمهم فى إدارته نائبه مايك بنس ووزير خارجيته بومبيو وآخرون.
ويدافع مسئولون فى البيت الأبيض عن القرارات بشأن القدس والجولان قائلين إنها تقر حقيقة على الأرض وإنها يجب أن
تكون الأساس لأى مفاوضات سلام، كما يرى مبعوث ترامب للشرق الأوسط جيسون جرينبلات أن من غير المعقول
أن تسمح إسرائيل “بأن تسيطر على الجولان دولة سوريا أو أى من
العناصر المارقة التى تعمل فى المنطقة، بما فى ذلك إيران”
أشار مساعدو ترامب فى أحاديث غير رسمية الى أنهم يعتقدون أن تحركاته بشأن القدس أثارت رد فعل أقل حدة فى العالم العربى
مما توقعته واشنطن، وفق ما ذكره مصدر مطلع طلب عدم نشر إسمه، وأضاف أن العرب لم يقطعوا فيما يبدو الإتصالات الأمنية
التى تطورت خلف الكواليس فى السنوات الأخيرة مع إسرائيل وخصوصاً حلفاء الولايات المتحدة فى الخليج بشأن عدوهم المشترك إيران.
وأضاف المسئول أن جون بولتون، مستشار ترامب للأمن القومى، وأحد صقور الإدارة البارزين في مواجهة إيران، كان من
المؤيدين المهمين لتغيير السياسة، لكن المتشككين يقولون إن هذه الخطوة ستمنح إيران وحليفتها جماعة حزب الله ما قد يعتبراه
مبرراً لهجمات جديدة على إسرائيل ويعرقل تحرك الزعماء العرب المناهضين لإيران.
لكن بعد الخطوات بشأن القدس وهضبة الجولان، قد تشعر إيران وحزب الله بقدر أكبر من القدرة على تقديم نفسيهما على أنهما
الحليفان الثابتان الوحيدان للقضية الفلسطينية، وقد يعود ذلك بالنفع أيضاً على نظام الرئيس السورى بشار الأسد من خلال
مساعدته فى تصويره لإسرائيل والولايات المتحدة كأعداء.
ويرى غالب دالاى، من مركز بروكنجز الدوحة أن القرار سيعطى مزيداً من القوة لمحور إيران وحزب الله والأسد، لقد
“حصل هذا المحور على إنتصار رمزى قوى جدا وسيوفر هذا لهم اليد العليا”.
ويشير دينيس روس، المفاوض المخضرم، الى أن الإعتراف الأمريكى بسيادة إسرائيل على الجولان قد يشجع اليمين
الإسرائيلى على تكثيف حملته لضم المستوطنات فى الضفة الغربية، ويضيف “أخشى أن اليمين فى إسرائيل يمكن أن يقول
‘إعترفوا بهذا، ستكون مسألة وقت قبل أن نتمكن من ضم كل أو بعض الضفة الغربية‘… سيكون ذلك نهاية حل الدولتين”.
المطلوب يقظة وتحرك عربى، وإتخاذ موقف جاد عن طريق تعبير عن الغضب العربى السياسى.