متابعة/ أيمن بحر
فى مخيمات اللآجئين لا يفارق التطرف نساء “داعش، فمع الإقتراب من السيطرة على الباغوز، أخر جيوب التنظيم فى شرق سوريا ونقل النساء والأطفال لمخيم الهول لا يزال الولاء للتنظيم قوياً: مشكلة قد تستمر بعد سقوط الباغوز.
بعد أقل من خمس سنوات على إعلان متشددى تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) إقامة “خلافتهم” المزعومة على منطقة ضمت أراض شاسعة، تساوى مساحة بريطانيا، بشرق وشمال شرق سوريا وغرب العراق؛ يواجه التنظيم المتطرف فى الوقت الحالى خسارة منطقة الباغوز، آخر جيب له فى سوريا، بعدما خسر العام الماضى كافة الأراضى، التى كان يسيطر عليها فى العراق.
ومنذ أسابيع، تنتظر قوات سوريا الديموقراطية، المدعومة من الولايات المتحدة والتى يقودها الأكراد، أن تحين لحظة إعلان إنتصارها على “خلافة” داعش، لكن يبدو أن البقعة الصغيرة المحاصرة داخل البلدة النائية عند ضفاف نهر الفرات لم تفرغ من قاطنيها بعد، وفاق عددهم كل التوقعات.
خرج عشرات آلاف النساء والأطفال والرجال منذ كانون الأول/ ديسمبر، من بلدة الباغوز، فرّ بعضهم من المعارك والحصار، وتمّ إجلاء البعض الآخر فى حافلات وشاحنات، بعدما أبطأت قوات سوريا الديموقراطية وتيرة عملياتها العسكرية على البلدة، حيث البقعة المحاصرة.
وفى كل مرة كانت تخرج دفعة جديدة من آلاف الأشخاص، كانت قوات سوريا الديموقراطية تظن أن العملية العسكرية
باتت قريبة وأن إنتهاء “الخلافة الإسلامية” أصبح وشيكاً، ليتضح بعدها أن آلاف المدنيين والمقاتلين لا يزالون فى الداخل،
ويقول المتحدث بإسم حملة قوات سوريا الديموقراطية فى دير الزور عدنان عفرين لوكالة فرانس برس
“حين بدأنا الحملة، كنا نتوقع وجود مدنيين، لكن ليس بهذا العدد”، ويتساءل “أين كان كل هؤلاء؟ تحت الأرض جميعهم؟”
وبعد أن يأمل المتحدثون بإسم قوات سوريا الديموقراطية فى تصريحاتهم للصحفيين فى أن “يشهد اليوم آخر عملية إجلاء”، يعود الأمر نفسه ليتكرر فى اليوم التالى.
يبدو الخارجون من بلدة الباغوز منهكين وجائعين ومتألمين من الهزيمة التى لحقت بتنظيم وعدهم بـ”خلافة” مترامية الأطراف
رغم ذلك، لا يقر كثيرون منهم بإنتهاء “الدولة الإسلامية”، فور رؤيتهنّ صحفيين تجمعوا فى المكان، بدأت حوالى عشر نساء
بالصراخ، وحمل بعضهن أحذيتهنّ أمام كاميرات الصحفيين، فيما القت أخريات الحجارة على الكاميرات،
وصرخن “الله أكبر”، و”باقية وتتمدّد”، كنّ فى طريقهن الى الحافلات لنقلهنّ الى مخيم الهول فى الحسكة
بشمال شرق سوريا، وقالت إحداهنّ “سننتقم وسيصل الدم الى الركب”، مضيفة “خرجنا، لكن هناك فتوحات جديدة مقبلة”.
صحفيون من رويترز قاموا بزيارة المخيم، فشاهدوا نساءً أجنبيات من أتباع “داعش” وهن يحاولن الإعتداء على أخريات
يعتبرهن من “الكفار” فى محاولة لفرض آرائهن المتطرفة عليهن رغم مواجهة التنظيم هزيمة وشيكة على الأرض،
وقالت إمرأة سورية فى مخيم الهول: “يصرخن علينا بأننا كافرات لأننا لا نغطى وجوهنا… حاولن ضربنا”.
وطوقت السلطات
السورية الكردية، التى تسيطر على المخيم، الأجنبيات، وتجمعت النساء المنقبات فى ملابس سوداء خلف سياج أغلقت بوابته
، وقال مسئول أمنى فى المخيم “الأجنبيات يلقين الحجارة، ويشتمن السوريات أو العراقيات ومسئولى المخيم حتى الأطفال يوجهون التهديدات””.
أطلق حراس النار فى الهواء لتفريق بضع مشاجرات وإستخدموا صاعقاً كهربائياً فى إحدى المرات للسيطرة على أجنبية معتقلة
وفقاً لما روته سورية فى المخيم.
ويشير الولاء القوى لدى أتباع الدولة الإسلامية للتنظيم الى أن خطره سيستمر
حتى بعد السيطرة على الباغوز، ومن المتوقع أيضاً على نطاق واسع أن يظل المتشددون يمثلون تهديداً بسيطرتهم على مناطق نائية وشن هجمات على غرار حرب العصابات.
معظم نساء وأطفال داعش الخارجين من الباغوز نقلوا الى مخيم الهول، المكتظ بالفعل بنازحين ولاجئين سوريين وعراقي
، ويقول مسئولو المخيم إنه ليس لديهم ما يكفى من الخيام أو الطعام أو الدواء.
وبحسب لجنة الإنقاذ الدولية، وصل 12 الف امرأة وطفل من الباغوز الى مخيم الهول، وإرتفع بذلك عدد القاطنين فى المخيم الى 65 الفاً، ما تسبب بـ”أزمة صحية”، وقالت مديرة التواصل لمنطقة الشرق الأوسط فى اللجنة ميستى بوسويل إن وضع المخيم بلغ “نقطة انهيار”.
وقال مازن شيخى وهو مسئول فى المخيم “الوضع بالمخيم مأساوى جداً .. كل الخيام حتى الكبيرة منها إمتلأت”
مما أجبر البعض على النوم فى العراء، وبحسب معطيات لجنة الإنقاذ الدولية فإن 100 شخص على الأقل توفوا أغلبهم
من الأطفال وهم فى طريقهم للمخيم أو بعد فترة وجيزة من الوصول اليه.