بقلم /عارف نبيه
من الصعب بمكان أن نصنف المعماري(السياسي ) بين الطيبة و الشر فمهنة العمارة(السياسية ) صعبة يختلط فيها الفن بالعلم و الخيال بالواقع
ولكي تكون معماريا فذا لابد لك من موهبة فطرية مدعومه بالملاحظة و المشاهدة و الإستقراء فليس كل ما تراه صحيحا او الافضل
وليس كل جميل مناسبا وليس كل مناسب جميلا .في العمارة ليس هناك ابيص وأسود بل ملايين من الدرجات الرمادية
وحسب ما تنظر تصبح مخطئا او مصيبا. لذا لن تجد نسبة كبيرة من خريجي مدارس العمارة متفوقين معماريا بل الغريب
أن معظم رواد فن العمارة ومن وضع الأسس التي تدرس الآن في المدارس المعمارية لم يكونوا معماريين في الأساس
. فالعمارة هبة وتراكم خبرات معا قبل أن تكون دراسة.
إن أهم ما يثري الشخصية المعمارية هي القدرة علي الملاحظة و الإستقراء و هاتان الصفتان يولد الإنسان بهما و تصقلهما الدراسة.
و لكي تكون متميزا فيهما يحب عليك ان تكون صادق النفس فعلم الإستقرار من علوم المنطق و الاستدلال و المنطق
يحب أن يلازم الصدق في التحليل و الاستدلال. كما أن هناك بعدا آخر و هو موهبة إستقراء الجمال و إعادة إنتاجه من جديد
و هذا في حد ذاته موهبة نادرة تفرق بين المعماري الجيد و المعماري العادي.
و العمارة لها عدة عوامل تفرق بين المعماري و الآخر فلن تجد معماريا طيبا خالصا ولن تجد معماريا شريرا خالصا فالعمل المعماري
هو خلاصة خبرات متنوعة أدت إلي قرارات محددة نشأ منها هذا المبني .و عند تقييم المعماري يجب أن نقيم خبراته
و قراراته وهل نجح فيما أراد وهل كان يقصد ما أراد أم كان العمل بالنسبة له مجرد نزوة فنية ؟
و علي المعماري أن يواكب تطورات المعمار في العالم من حوله ليدرس أسباب التميز والنجاح كما يقف علي أسباب الفشل و التدهور
فبدون الإطلاع يكون المعماري جاهلا بما يدور حوله من حركة معمارية مواكبة و يصعب أن يعوض ما يفوته بالموهبة إلا لو كانت موهبة فذة!
بعض المعماريين يسعون إلي التقليد او الاقتباس وهم نوعان:الأول يحترف
فن التقليد و التجميع من عدة مشروعات ناجحة ولكنه
غاليا ما تخرج بعض التفاصيل رغما عنه عن الترتيب الذي أراده لها فتكشف
أن هذا العمل ليس أصيلا مئة في المئة اما النوع الآخر
من المقلدين فهم الذين يقلدون كما يقلد القرد الإنسان فيكون تقليدا اعمي بعيدا
عن الروح و نستشف منه بسهولة حمق المقلد و ضعف ملكاته
و هو هنا يستحق لقب الشرير.الاحمق الذي لم يضر احدا أكثر من ضره لنفسه
لانه ينقل بلا تميز او فهم.
البغض الآخر يتعمق في
دراسة و تحليل المئات من الأعمال المميزة و بالتوازي يدرس متطلبات المكان
و متطلبات مستخدمي المكان و يصهر كل ذلك في بوتقة
واحدة ينتج عنها عمل شديد الخصوصية شديد التميز. هنا نحن امام معماري احسن عمله وبقي له شيئ واحد لا يد له فيه
وهي موهبة الصقل الفنية فقد يكون المبني مدروسا دراسة جيدة
و لكنه عادي الجمال كشخص تتعامل معه ليس بالجميل الطله
ولكنه حلو المعشر وهنا يمكن القول أن المعماري نجح في عمله وهو بهذا طيب
خلاصة القول هناك معماري محترف يحقق الهدف الأساسي من المبني و يحاول إيجاد حلول لمستخدميه يكونون من بعده فخورين
بالمعيشة في المبني و يجعلهم في راحة واحساس بجمال يتعايش مع حياتهم فلا يشعرون بحرارة الجو و لا يحتاجون تكييفا
لجعل حياتهم مستساغة كما يجدون في مادة البناء ما يجعلها تعيش السنين بعد السنين بصيانة بسيطة غير مكلفة كل ذلك
في غلاف جميل من الفراغات المدروسة والتفاصيل المبدعة
وهناك آخر يجعله سكنا غير قابل للمعيسه و جل اهتمامه الحصول علي المال بغض النظر عن انه أجاد في عمله ام لا
و أخيرا فالمعماري الطيب هو من يبذل قصاري جهده في اختزال العلوم و الفنون لإسعاد الناس و راحتهم حسب امكانياتهم
و في المقابل المعماري الشرير هو الذي يستشري فيه الفساد الفكري
و الفساد الإداري فأصبح يبيع ضميره المعماري من أجل حفنة نقود تشعره بالامتلاء لا بالشبع
تلك كانت أوجه الشبه بين المعماري الذي يصمم ويبني البيوت و السياسي الذي يخطط لبناء الأوطان.