” قاتل بلا أجر “
حينما تتحطم المشاعر الإنسانية على صخرة الوحشية وتندثر الفطرة السليمة التى فطر الله الناس عليها وتأخذ الأحجار مكانها
مهرولة لتحل محل قلوب البشر فلابد أن نتذكر قول الله تعالى “قُتٍل الإنسان ما أكفره” .
نعم … ما أكفرك أيها الإنسان حينما تبذل الغالي والنفيس وترتع هنا وهناك من أجل غاية واحدة ..
. ألا وهي أن تمارس العنف مع أخيك الإنسان .
وأنا أتعجب ..
. كيف لك أيها الإنسان أن تلحق الأذى بأخيك الإنسان ؟؟؟ ، أليس حري بك أن تعطي نفسك فسحة قصيرة من الوقت قبل أن تقدم
على أفعالك المشينة ؟ أم أن شيطانك اللعين قد عبث بعقلك وتمثل بوجهه القبيح فى صورتك لتختفي كل معالم الإنسانية
التي بداخلك وتبدو في الأفق معالم شيطانية خبيثة لا هم لها سوى إشباع رغباتها المريضة من عنف وخراب وتدمير ؟ .
إن الفطرة السليمة تأبى أن تعي كيف يمكن لإنسان أن يحمل داخله حقدا وكراهية
وعنفا يقضي بهم على أخيه في الإنسانية .
. تلك الإنسانية التي وضع الله لها أسسا وقواعدا لا يمكن لذي عقل حصيف
أن يحيد عنها .
ماذا بك أيها القاتل الغاشم
( وأنا أقصد الكلمة تماما… لأن المتنمر وإن لم يزهق روح ضحيته ، إلا أنه يقتل بعنفه نفسية هذه الضحية البريئة)
ماذا بك لو علمت أن قتل نفس كقتل البشرية جمعاء ، والذود عن نفس وحمايتها
من القتل المادي أو المعنوي يعادل عند الله إحياء الناس
جميعا كما قال الله تعالى في كتابه الكريم
“من قتل نفسا بغير نفس أوفساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ” .
ما ذنب ذلك الإنسان الذى صوبت تجاهه سخافاتك وحماقاتك ؟ أي جرم شنيع ارتكبه
بحقك لتكون عاقبته الترويع والعنف ؟ ، كم من الثراء
والشهرة وراحة البال ستحصل عليه بعد أن تُنهي جريمتك ؟.
لهذا أقول لك بكل قناعة أنت قاتل ولكنك قاتل بلا أجر .
ظاهرة قديمة حديثة انتشرت في مجتمعنا كانتشار النار فى الهشيم ، ألا وهي ظاهرة التنمر Bullying والذي تم تعريفه على أنه شكل
من أشكال الإساءة والإيذاء موجه من قبل فرد أو مجموعة نحو فرد أو مجموعة تكون أضعف (في الغالب جسديا)، ويعد التنمر
من الأفعال المتكررة على مر الزمن والتي تنطوي على خلل (قد يكون حقيقيا أو متصورا) في ميزان القوى بالنسبة للطفل ذي القوة
الأكبر أو بالنسبة لمجموعة تهاجم مجموعة أخرى أقل منها في القوة .
والمتتبع لإحصائيات هذه الظاهرة المقيتة سيلحظ أن المتنمر عادة ما يعاني من اضطرابات نفسية أو ما يطلق عليه ” عقدة نقص “
، فيوهم نفسه بأنه سيكمل هذا النقص في إيذاء الآخرين والنيل منهم ، وهو ما تأباه الفطرة السليمة النقية .
في مصر وخلال الأيام القليلة الماضية تابعنا جميعا قضية الطالبة بسملة علي الطالبة بالصف الثاني الإعدادي بإحدى مدارس دمياط ،
حيث تجرد أحد المدرسين من مشاعره وسخر من لون بشرتها ، وهذا يعد أحد أقسى أشكال التنمر ، وهو ما دفع الطالبة للبكاء الشديد
، وتم تحويل هذا المدرس للنيابة كونه ارتكب جرما يعاقب عليه القانون .
ختاما … تبقى كلمة
إن الصراع الدائم بين الحق والباطل ، والخير والشر هو أساس الإختلاف بين البشر منذ بدء الخليقة ، حيث كانت النشأة التاريخية للتنمر
عندما بث الشيطان سمومه في أذن ابن آدم ليقتل أخاه دون أن يقترف المقتول إثما يستحق بسببه القتل ، فكانت أولى جرائم التنمر والعنف
والتى استحدث بعدها المجرمون – على مر التاريخ – أسوأ وأبشع أساليب العنف التي عانى من ويلاته بنوالبشر ، حيث تجرد هؤلاء
العتاة من إنسانيتهم وقضوا على آلاف بل ملايين البشر الذين لم يكونوا سوى ضحايا لأناس إستوحشت نفوسهم وصموا آذانهم
عن سماع كلمة الحق فأبوا إلا أن يقضوا على الأخضر واليابس متلذذين برؤية ما حققوه من نصر زائف ومجد مزعوم.
غادة محفوظ