لم يكن طفلا عاديا كبقية أقرانه الذين يهون اللعب والمرح ، فمنذ نعومة اظفارة
يهوى القراءة والإضطلاع ، ويبدوا أن الاقدار قد رسمت له طريقا لم يخطر له ببال
، ولعبت الصدفة وحدها في إتخاذه طريق البحث و التنقيب
و الجمع لتراث و تاريخ مصر في أكثر من زاوية تشكل متحفا صغيرا إن صح التعبير لملامح مصر القديمة و تاريخها الذي يتحدث بقوة
عن الأصالة و كيف أن من بني مصر جذوره ضاربة في العمق ، و من هنا نشأت هواية الباحث و المغرم بتاريخ مصر محمد فخري
، الباحث عن الحقيقة فى أعماق التراث المصرى القديم .
قرأ عشرات الكتب وعشرات الأبحاث فى التراث ، وسجلت السنوات القليلة الماضية مخزونا من الإطلاع و البحث و التنقيب
عن أصل كل منظومة أو إسم أو حتي قصاصة من ورقة دفنت تحت أنقاض الإهمال
و تمثل قيمة تاريخية ، عبرت أفكاره كل التحديات
التي مكنته من كشف الغبار عن تاريخ مصر العتيق والقديم معا .
.فبرغم نشأة دور حكومية تابعة لوزارة الأثار مكنت من تدوين تاريخ مصر عن آخره .
. إلا أنه فضل البحث في مناحي أخري مختلفة و غير مترابطة ، كلا في شأن يصور نبذة عن جزء من تاريخ و عراقة مصر وينقل
لنا الحدث من عمق الفكرة وبطون المراجع القابعة على ارفف الزمان ، ويشكلها فى
ابهى صورة لتنال إعجاب الرائى ، فيشتد مبهورا
بجمالها وينحنى إحتراما لجلال مصر وعظمتها .
وواصل الليل بالنهار
يدور ويبحث فى أزقة مصر وشوارعها وقصورها الفخمة
العتيقة ، فما بين القاهرة القديمة والغورية وحى الحسين ومآذن القاهرة السامقة ،
قد أعتمد عاشق التراث «محمد فخري»
و كما يحلو أن يطلق عليه ، منهجا في المداومة علي إقتناء كل ما يصل إلي يديه
من رموز و مقتنيات تمثل حقبة من تاريخ مصر بكل
عصورها ، غير أن الدروب أخذته للتنقل بين شعاب المناطق الأثرية في جولات و صولات ، سجلته عدسته و إحتفظ بكل صورة منها
و زادها بكل ما تحقق من معلومات ليسجل بالصوت والصورة اسعد لحظات حياته
واجملها على الإطلاق .
كما يروى لنا عاشق التراث
، فلم يتوقف عند مجرد إحتفاظه تفاصيل هوايته لنفسه ،ولم يستمتع بجمالها وروعتها وحده ، لكنه اراد ان يشارك المصريين سعادته
،فاعد العدة وبذل الغالى والنفيس فى سبيل وطنه الغالى ، فحرك المياه الراكدة و دشن أولي معارضه لإحياء التراث المصرى القديم
، واطلق فخرى شرارة إحياء تراث مصر من أقصاها إلي أدناها ، و لاقت نجاحا
مبهرا شجعت علي إستمرار الإحتفال كل فترة زمنية بجمع
من التراث ليكون صورة جمعية لحجم ما تلقته ذاكرته لتكون فىى متناول الحالمين برؤية عبقرية الزمان والمكان للمصرى القديم .
كان حلما فخيال فحقيقة بين يدى عاشق التراث ، ذلك الشاب المتوهج حبا وعشقا لوطنه ، فلم تكن أقصى طموحاته و أحلامه كبقية
الشباب البحث عن الثراء والمناصب و الكد و العمل لأجل أسرته الصغيرة فحسب.. و لكن: إدخر من ماله و خصص جزءا و استقطع
من وقته لهوايته المفضلة و معشوقته مصر .
مصر التي يقول عنها : أنها الأم الحنون و الزاد بعد الفقر والشبع بعد الجوع
والظمأ بعد العطش و الوطن بعد الضياع ، فكان حق له علينا و علي الأجيال المتعاقبة أن تزهو و تفخر بتاريخها العريق الضاربة
جذوره في عمق التاريخ ، فرد لها الجميل بعد الشكر والعطاء الجزيل ، إنه محمد فخرى «عاشق التراث ».