بقلم : حمدى حسن عبد السيد
اليوم 18 اكتوبر 2018 يمر 55 عاما على بدء تهجير قرى النوبة من حول ضفاف النيل خلف خزان اسوان وكانت النوبة تمتد بطول
350 كيلو مترا من الشلال الأول وحتي الشلال الثاني جنوب أسوان بطول نهر النيل من قرية دابود في الشمال وحتي قرية أدندان
عند خط عرض 22 درجة عند وادي حلفا, وتم تهجير النوبيين الذين يعيشون في هذه القري وكان عددهم 17699
أسرة مع بناء السد العالي.
والنوبة تقع بين الجندلين الأول والثاني، وعلى امتداد النيل جنوب أسوان
لمسافة 320 كم حتى حدود مصر مع السودان.وتضم المنطقة على امتدادها 38 قرية، وبندر واحد، تتكون القرية من مجموعة متباعدة
من المساكن، وتقع على كلتا الضفتين، وتسمى المجموعة منها نجع، وتبعا لذلك التوصيف، فإن القرية النوبية تمتد على النيل
بنجوعها الكثيرة التي تتجاوز عددها الـ 30 نجعًا، لمسافة تبلغ في بعض القرى 30 كم.
وكانت النوبة القديمة
تضم ثلاثة فروع، ففي الشمال كان يقيم الكنوز ويقيمون حاليا في قري البر الغربي ومازالوا محتفظين بالطابع النوبي في العادات
والتقاليد وشكل البيوت القديمة وفي الوسط كان يقيم العرب الذين ينحدرون من أصول عربية وفي الجنوب يقيم (الفدجة)
ويقيم أغلبهم حاليا في مركز نصر النوبة في قري علي شكل نصف دائري من قرية بلانة حتي كلابشة.
ففى مثل هذا اليوم
بدء اهالى قرية دابود النوبية ترك ديارهم كاول قرية تهجر من بلاد النوبة متجها نحو الشمال فى صحراء وادى كوم امبو
باتت قرية دابود أولى القرى التي تم تهجيرها ساهرة تتطلع إلى مطلع الشمس في 18 أكتوبر 1963 وأبنائها جماعات وأفراد على
قمم الجبال المحيطة بالقرية تلفهم أردية الظلام يلقون النظرة الأخيرة على أرضهم والنوبيات بأزيائهن القاتمة يزرن في عتمة الليل
مقابر الأهل ساهمات باكيات والحزن يكسو الوجوه .
ومع مطلع الفجر توافد الناس بخطوات كسولة وموظفوا إدراة التهجير يستعجلون المتأخر ويبحثون عن الغائب ، وخلا الشاطئ
تماما من كل أثر للحياة البشرية ، وبدأ سير الباخرة وهي تطلق صفيرا كأنه صوت بكاء انعكس في الديار الخالية ، لقد كان مشهد
أول فوج يبارح المنطقة مهيبا ومحزنا واستغرقت رحلة الفوج الواحد ثلاثة أيام في المتوسط من مسقط الرأس إلى الموطن الجديد
والحكاية بدأت في أبريل 1961 باجتماع اللجنة المؤقتة للسد العالي لتهجير أهالي النوبة أولى اجتماعاتها مع الاستعانة
بالبحوث الميدانية والتي كانت نتائجها هي الركيزة الأولى لكل عمليات التهجير . وتم تشكيل هذه اللجنة من محمد صفوت
وكيل الشئون الاجتماعية للمساعدات العامة، وعبد الهادي مصطفى وكيل الإدارة العامة لتهجير النوبة، وأحمد شفيق غنيمة
من الإدارة العامة للتخطيط الاجتماعي.
وقد صدر 12 قرارا جمهوريا ووزاريا لتنظيم عملية التهجير ، وقد استغرقت
عملية التهجير 8 أشهر ، بدءا من قرية دابود في 18 أكتوبر 1963 وإنتهاءا بقرية أبو حنظل في 20 يوليو 1964 .
عدد البواخر التي استخدمت لنقل الأهالي والحيوانات ومتعلقاتهم 28 وحدة مصرية بالإضافة إلى 6 وحدات سودانية استؤجرت من السودان .
عدد الرحلات التي تمت من أرض النوبة إلى الشلال 158 رحلة نيلية ، وتم تشغيل 10 أتوبيسات لنقل الأهالي من الشلال للموطن
الجديد في 1350 رحلة برية ، كما تم تشغيل 10 سيارات نقل للأثاث والحيوانات في 3645 رحلة .
عدد الذين تم تهجيرهم
55698 فردا ، وقد تقلصت مساحة الأرض في النوبة الجديدة إلى أقل من 13 % من المساحة في النوبة القديمة
( من 350 كيلو متر إلى 45 كيلو متر فقط )
وهكذا تم ترحيلهم عشوائياً وفقا لجدول زمني مختزل سريع، رغبة في إخلاء بلاد النوبة قبل 15 مايو 1964 موعد تحويل مجرى نهر النيل،
فترك معظم النوبيون الكثير من متاعهم في الوطن المهجور وحشروا في صحراء كوم أمبو وإسنا في مساكن خالفت المساكن
التي ألفوها وخلافا للمسكن النموذجي الذي وعدوا به وشاهدون قبل عملية التهجير. بالإضافة لعدم تواجد مياه صالحة للشرب ولا كهرباء،
مع استحالة تربية مواشي وطيور وهي تمثل أهم عناصر الحياة والدخل بالنسبة للمواطن النوبي المزارع؛ وبالتالي تعذر نقل هذه الحيوانات
معهم إلى المهجر الجديد؛ في حين ان إخوانهم النوبيون السودانيون وأبناء عمومتهم فعلا لا قولا أثناء هجرتهم إلى خشم القربة
(مهجرهم الجديد) خصصت الحكومة السودانية لكل قطار مصاحب لأفواج المهاجرين طبيبا بيطريا لرعاية حيواناتهم الزراعية
المشاكل والابتلاءات المصاحبة للتهجير