الشائعات هي العدو الخفي الذي يواجه المجتمع فيؤثر على آراءه وأفكاره واتجاهاته وسلوكه، ومن المعروف أن الشائعات تجد بيئة خصبة لانتشارها في وقت الأزمات وفي الظروف الغامضة وفي أوقات التحول السياسي أو الاجتماعي، وما يساعد على انتشار الشائعات هو التعتيم الإعلامي أو غموض في قضية ما أو تضليل متعمد أوكذبا معتاد على السنة المسؤولين وفي وسائل الإعلام. ثلاث مراحل لتنتج شائعة..
تمر الشائعة قبل ظهورها بثلاث مراحل أساسية، تبدأ بإدراك الحدث من جانب شخص أو مجموعة أو منظمة طبقاً لأهمية الحدث وتأثيره المتوقع على المجتمع، ثم مرحلة التنقيح والإضافة للخبر ليتلائم مع ثقافة المجتمع واتجهاته، وتأتى المرحلة الأخيرة بإطلاق
الشائعة ونشرها بطريقة سهلة الاستيعاب ومتوافقة مع القيم السائدة في المجتمع،
ويتحقق انتشار الشائعة باكتمال طرفي المعادلة الأساسية (انتشار الشائعة يساوى أهمية الموضوع المتصل بالشائعة مضروبا فى مدى الغموض حوله)، أى أن الشائعه تصبح أكثر انتشاراً كلما ازداد أهمية الموضوع وازداد حجم الغموض وقلة المعلومات حوله، وهذه المعادلة يعتمد عليها خبراء الشائعات في العالم، كما هناك عوامل أخري تساعد على انتشار الشائعة منها على سبيل المثال، مدى موائمة الشائعة مع معتقدات الناس وثقافتهم ومشاعرهم، ولابد أن يكون موضوع الشائعات ذا صلة بجانب هام يثير فضول الناس
وبالتالي فهم ينشرونها بدون قصد من خلال بحثهم عن حقيقتها، كذلك ضرورة وجود فراغ نفسي واجتماعي يجعل الناس يسرعون في تقبل الشائعات. ولعل سؤال يطرح نفسه لماذا يطلق البعض الشائعات؟ هناك ثمة دوافع رئيسية لإطلاق الشائعات وانتشارها،
أولها هو العدوان تجاه شخص أو مؤسسة، بغرض تشويه سمعته أو إبعاد الناس عنه، وثانيهما هو إطلاق شائعة للتنبؤ، حيث تشير الشائعة إلى احتمالات مستقبلية يعتقد مروج الشائعة فى قرب حدوثها، وهو يهئ الناس والظروف لاستقبالها، وثالثهما هو شائعة بالونة الاختبار، وتكون الشائعه بهدف قياس رد فعل معين يقدر له الحدوث فعلاً في القريب، فان استفزت الناس يتم نفي الشائعه. أنواع الشائعات المختلفة.. ويمكن تصنيف الشائعات طبقاً لنوعها كالتالي:
الشائعة الأمل وتنتشر فى الأوساط التى تتمنى صحة هذه الشائعة، أما النوع الثاني فهو شائعة الخوف وتنتشر فى أجواء التهديدات المولدة للمخاوف وتستهدف إثارة القلق في المجتمع خاصة فى أوقات الأزمات التي يكون فيها المجتمع مهيأ لتقبل مثل هذه الشائعات، وذلك لدفع الخائفين إلى التسليم، ونأتى للنوع الثالث وهو شائعة الخيانة وتنتشر بصفة خاصة فى أوقات الحروب والأزمات المصيرية وهي أخطر أنواع الشائعات لتعبيرها الصريح عن مشاعر الكراهية ضد فئة معينة أو قائد معين وتدفع البعض لاستخدام العنف للتنفيس عن هذه المشاعر. مصر تمتلك تاريخ حافل من الشائعات السياسية..
ونحن كمصريين لدينا تاريخ حافل من الشائعات سواء كان من أطلقها الحكومة أو بعض أفراد الشعب، بعضها كان يحمل توظيفاً سياسيا أو دينا أو حتى ترفيهياً، فمن مقولة الإذاعة إبان حرب 67 بأن مصر على أعتاب تل أبيب إلى ترويج شائعة وضع الفنان عادل إمام صورته على الجنيه في التسعينات أو حتى ترويج أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر ذكرت في القرأن، كانت جميعها شائعات العامل المشترك فيها تصديقها من قبل فئات كبيرة من الشعب. ويمكننا أن نقول أن مصر عاشت خلال الفترة الماضية خاصة بعد ثورة ال25 من يناير انقسامات واتهامات وتكفير بسبب شائعات رددتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، لم يكذبها أبطالها بل حاولوا إثارة الغموض أكثر ليكونوا دائما في بقعة الضوء،
وللاسف الشديد لعبت المنظومة الاعلامية في مصر دوراً كبيراً في انتشار الشائعات فعملت علي اثارة الفكرة وليس أهميتها، وأتاحت الفرصة لكل من يدعي أنه خبير للحديث في أمور دقيقة وخطيرة، مما خلق حالة من الفوضى الإعلامية، وهو ما أهل المجتمع لقبول أى نموذج من الشائعات فى ظل انعدام الشفافية من قبل الحكومة، وغياب المعلومات الكاملة حول الأحداث،